تخيل.... أن بشار الأسد وحكومته متهمين ومحكومين كمجرمي حرب تخيل.... أن المستقبل ليس مكتوبا وعلينا واجب كتابته ونحته بحيث يصبح الحقيقة والواقع الذي نأمله جميعا، بعيدا عن صالة التعذيب اليومية والمعاناة المستمرة. تخيل أنه في باب عمرو ، في مدينة حمص تتم محاكمة بشار الأسد وحاشيته، وأن هذه الملاحظات تعكس المناخ خلال المحاكمة التي ننتظر أن تكون حقيقة واقعة كما في هذا النص. تخيل.....صديقي القارئ.... أن ما هو خيال اليوم سيكون واقعا غدا.

      المتهمين :  محاكمة عائلة الأسد ونظامه بتهمة قتل أكثر من 400000 شخص. يواجه الرئيس السوري السابق بشار الأسد وعائلته التهمة بإصدار الأوامر بالقتل خلال الانتفاضة التي أطاحت بهم. تجمع آلاف الناس من عائلات الضحايا حول المبنى الذي يواجه فيه بشار التهم المنسوبة إليه ، وأخذ المتظاهرون يصرخون بهتافات ضده حاملين الأعلام السورية. بشار الأسد بمظهر سيء، محتجز بالمركز الطبي العسكري خارج مدينة حمص ، وهو يحاكم إلى جنب مع أبناء عمومته ووزرائه، ومسؤولين أمنيين آخرين، جميعهم قضوا التهم الموجهة لهم وأعلنوا أنهم أبرياء, يدعي الدفاع أن المحكمة تفتقر إلى أدلة على أن الرئيس السابق قام بإعطاء أوامر مباشرة بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين، عندما خرج مئات الآلاف إلى الشوارع وتمكنوا من إسقاط النظام. لا شيء يؤكد أن بشار الأسد أعطى الأوامر بفتح النيران على المتظاهرين العزل. هذا ما قاله محامي الدفاع، الذي هو واحد من خمسة محامين يدافعون عن الرئيس السابق. كان في الصالة أولاده وزوجته والعديد من الشبيحة الذين يحاكمون بنفس التهمة. كذلك ذكر أن الرئيس وضع ثقته في أخيه ماهر، في نفس الوقت الذي قتل فيه المتظاهرين، وحمله مسؤولية الخروج إلى الشارع والحفاظ على أمن البلد بضغط من الشرطة. بشار الأسد أكد على أنه لم يصدر الأمر بإطلاق النار على المتظاهرين ولم يعط أوامر لأحد من قوى الأمن، ونقل المسؤولية المباشرة لأخيه ماهر. عدة مجموعات من المدافعين عن حقوق الإنسان ، المحللين ، والخبراء يؤكدون على وجود أدلة لإدانته، بشار الأسد قد يواجه الحكم بالإعدام. تأخذ المحاكمة من مدينة حمص مكانا، في حي صغير يسمى بابا عمرو حيث لقي مصرعهم المئات من المتظاهرين السوريين السلميين في محاكمة بابا عمرو، آلاف المواطنين يريدون أن يعبروا عن تجربتهم وشهادتهم وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية(فارس). " أنا سجنت سنتين في عدرا لأنني عبرت عن أفكاري عن المجازر التي ترتكبها الحكومة السورية، والآن محامي الدفاع أصر على أن أفضح هذه المجازر، رغم أنني خائف من الشبيحة سأقوم بعرض دلائلي. البارحة حاول الشبيحة اختطاف ابني......." تقارير وصور تظهر بشكل متزايد، وفي كل مرة تظهر ملفات جديدة تعكس المحاكمة التاريخية للحكومة السورية شهادات تؤكد على فداحة المجزرة التي لحقت بالشعب السوري. سياق المحاكمة وعملية المحاكمة ضد مركز النظام السوري يثبت التهمة على المسؤولين السوريين. هناك عدة قضاة مسؤولين عن المحاكمة ويعبرون عن المدن والأحياء المختلفة التي لحقتها المجزرة. مضايا، جاسم، نوى، داعل، إنخل، كناكر، دوما، حرستا، الميدان، برزة، باب دريب، الوعر، الرستن، تلبيسة، القصير، السوق، السلمية، معرة النعمان، عين عرب، تل رفعت، منبج، الباب، القامشلي، رأس العين، الدرباسية، جسر الشغور، المعضمية، بنش، جبلة، بانياس، الكسوة، قطنا، جديدة عرطوز، خربة الجوز، باب السباع، جبل الزاوية، سيف الدولة، صلاح الدين، الصاخور، الطبقة، الميادين، البوكمال، السويداء، القريا،. أوضح ممثل القضاة أن الأدلة تحتوي على العديد من التقارير والصور التي تظهر العديد من الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الأعزل من قبل عائلة الأسد منذ بدء الأحداث. بعد خروج النظام السوري من السلطة قام الشعب بوضع الكثير من القادة في قفص الاتهام بمدينة حمص. إنهم متهمون بجرائم حرب وارتكاب اعتداءات وقتل جماعي، إعدام ميداني، اغتصاب، هدم للقرى والمدن، قتل الرهائن والأسرى. كانت محاكمة عائلة الأسد نقطة البدء لمفهوم جديد للعدالة في سورية. هذه المحاكمة تسعى إلى الالتزام بقواعد قضائية صارمة، وفي قفص الاتهام يوجد حوالي عشرين متهم من ضمنهم: - بشار الأسد: الرئيس السابق للجمهورية العربية السورية خليفة حافظ الأسد. - ماهر الأسد: شقيق الرئيس وقائد الحرس الجمهوري (قوات النخبة المخصصة لضمان الأمن الداخلي) والفرقة الرابعة للجيش السوري( المسؤولة عن قمع الاحتجاجات) ويعتبر ثاني أقوى رجل في النظام وفرقته العامود الفقري للنظام العسكري، كذلك يعتبر شخصا عصبيا كما يظهر ماضيه حيث قام عام 1999 بإطلاق النار على صهره آصف شوكت وأصابته في المعدة خلال نقاش عائلي في القصر. في السياق العام يعتقد البعض أنه كان الخلف الأنسب لحافظ الأسد بعد وفاة أخيه الأكبر باسل الذي كان مجهزا ليكون أسد دمشق. لكن في النهاية صباه لعب دورا ضده وعين بشار على حين غرة رئيسا، لكن شقيقه الأصغر حافظ على تأثير كبير عليه حسب الكثير من المحللين، وكان ماهر الذي أقنعه بالعدول عن الإصلاحات التي وعد بها في عام 2000 والتي لم تر الضوء مع قمع حركة ربيع دمشق. - رامي مخلوف: ابن خال الرئيس، والده محمد مخلوف شقيق أنيسة والدة بشار، ويعتبر واحدا من أكثر الرجال نفوذا في النظام، وهو رجل أعمال يحمل أكبر ثروة في البلد ويسيطر على " سيرياتل" شركة الاتصالات السورية والهاتف مما وفر للنظام السيطرة على الاتصالات للحد من التسريبات حول قمع النظام، كذلك لديه العديد من شركات البناء وأخرى مرتبطة بالنفط، بنوك، شركات طيران، الإعفاء الجمركي بالإضافة إلى قناة تلفزيونية خاصة. متهم بالفساد والاحتيال، كان يلقب برجل 5% و 10% نصيبه من العقود الموقعة، كان يقال أي شركة أجنبية لا يمكن أن تقوم بأعمال في سورية ما لم يوافق عليها رامي مخلوف. في درعا حيث بدأت الاضطرابات، اسمه كان من بين الهتافات خلال الاحتجاجات" يسقط الفساد" كانوا يصرخون ووصلوا إلى حد حرق مقر السيرياتل كرسالة مباشرة للنظام. المعارضة تتهمه بتمويل المسيرات التي خرجت لتأييد بشار الأسد. كان متهما مع أخيه حافظ مخلوف "رئيس الخدمات الأمنية في دمشق" بالفساد. - آصف شوكت: "في ذكراه" صهر بشار الأسد توفي عام 2012 زوج بشرى وأحد مفاتيح النظام. كان الجنرال شوكت رئيس الاستخبارات العسكرية سابقا حتى عام 2010 عندما تمت ترقيته إلى نائب رئيس هيئة أركان الجيش والذي كان يعتبر كعقاب لأنه لم يمنع وفاة المسؤول العسكري لحزب الله عماد مغنية، الذي قتل في عام 2008 بأمر من إسرائيل. أكبر من الرئيس بخمسة عشر عاما، وله سنوات في دائرة السلطة بعد أن كسب ثقة حافظ الأسد وترفع في السلطة بسبب صداقته مع بشار. فرضت عليه عقوبات لأنه يعتبر واحدا من العقول المدبرة للاحتلال العسكري للبنان. أولئك الذين عرفوه يصفونه بأنه ذكي وطموح وله علاقات مع مختلف وكالات الاستخبارات الدولية باعتبارها إرثا من منصبه السابق. - عبد الفتاح قدسية: رئيس المخابرات العسكرية يتبع شوكت بالمنصب والمسؤول السابق عن المخابرات الجوية،وهو المسؤول عن ضمان الولاء الكامل للقوات. موقعه يجعله مهم جدا في آلية عمل النظام، كان السكرتير الشخصي لبشار الأسد والمسؤول عن مكافحة التجسس الأجنبي. - جميل حسن: مسؤول في المخابرات الجوية وهي إدارة مهمة حيث أن حافظ الأسد بدأ الانقلاب الذي أوصله إلى السلطة من موقعه في القوى الجوية. وهو شخصية مهمة من مفاتيح جهاز الأمن السوري أسندت إليه مهمات ضد المجموعات الإسلامية وكذلك مهمات سرية خارجية. - علي مملوك: رئيس الأمن العام والمخابرات الداخلية منذ 2005 ذكر اسمه مؤخرا في الأوراق المسربة من ويكيليكس كضيف مفاجئ في لقاء مع مسؤولين أمريكيين في محاولة لتعزيز التعاون المشترك في مجال الأمن بين دمشق وواشنطن. يعد من المؤثرين على الأمن الداخلي للبلد مثله مثل الرجل الثاني محمد الذي يتهمه الناشطون بالوقوف وراء حملة اعتقالات واسعة ضد المتظاهرين و المنشقين. - محمد ناصيف خيربك: النائب الثاني للرئيس للشؤون الأمنية هو واحد من أهم مستشاري بشار الأسد وواحد من القلة التي على قيد الحياة من عهد والده. واحد من عائلة "خيربك" متزوج من بنات رفعت الأسد شقيق حافظ الذي حاول الاستيلاء على السلطة ويعيش بين اسبانيا وفرنسا. يشار إليه كواحد من المتغيبين عن المحاكمة، أحد الذين انتحروا أواخر المجزرة لكي يتجنبوا المحاكمة. من بين الآخرين أبنا عمومته فواز ومنذر الذين يقودون الشبيحة كمدافعين مباشرة عن العائلة.
  
التَلقين :  تبدأ القصة بغلاف كتاب لقصة أطفال توزع على المدارس السورية لتعليم الأطفال الصغار واختبارهم عن الشخصية البطولية لبشار الأسد وبهذا التلقين يبدأ تهذيب المجتمع منذ الصغر . محامي الاتهام يحكي عن مدينة درعا، حيث بدأت الحركة، متخذا منها رمزا، لأنها كانت مهد "حمزة الخطيب" ذي الثلاثة عشر عاما، الذي اختطف وعذب بقساوة فادحة، قطعت أعضاءه وتم خنقه. تحتوي الصالة على قصر العدل، وبجانبها سجن بالأبعاد والشروط اللازمة لضمان سلامة وأمن المحاكمة. المقطع الذي يحلل جرائم النظام ضد الشعب السوري، وضع باللون الأحمر، لون الدم للفت انتباه المشاهد، كذلك هناك مناظر، لوحات وصور تسلط الضوء على بربرية النظام وجرائمه الهمجية ضد الشعب الأعزل.
   
إبادة السكان"اختفاء المواطنين : الأكثر وضوحا هي الصور التي تظهر فداحة جرائم النظام مثل تلك التي ارتكبت في حمص، ادلب، درعا ودمشق منذ أيار 2011 كذلك يظهر الهيكل التنظيمي لعائلة الأسد التي حركت الجيش في عدة مدن سورية حيث بدأت الاحتجاجات. جنبا إلى جنب صور ووثائق تبين العديد من أشرطة الفيديو التي صورها الناس لهذه الجرائم البشعة التي ارتكبت. هكذا بدأت الجلسات التي يحاكم فيها المسؤولين عن المجزرة . قبلت معظم دول العالم الصلاحية القانونية لتلك المحكمة . لدى الشعب السوري فكرة واضحة بأن هذا لا يمكن أن يعاد وأنه من الضروري محاكمة ومعاقبة المسؤولين الرئيسيين عن هذه الجريمة النكراء. مجلس القضاء كان الخطوة الأولى لإعادة الهدوء في سورية الجديدة وضمانة للأمن الداخلي كي لا تتكرر حوادث مشابهة. البلاد العربية ومنظمات عالمية تحاول تطبيق نظام جديد لمحاربة هذا النوع من الجرائم ومحاكمة الرئيس السوري هي واحدة من التحقيقات التاريخية.
  
الخلفية  :  لا يوجد في التاريخ مذبحة مشابهة ضد الشعب الأعزل، والمحاكمة تجري ضد القادة الذين قتلوا شعبهم من دون تصوير. الحريات المفقودة في هذا البلد تشكل عقبة كبيرة لإدانة السياسيين بذنوب خارج سيادة دولتهم. وعملهم فقط كان ‘عطاء الأوامر وعائلة الأسد هي وحدها المسؤولة أمام القضاء. الأنباء التي كانت تصل عن الفظائع التي ارتكبها الأسد ضد شعبه سببت بلبلات وأثارت الانتفاضات في جميع أنحاء البلاد. كل دول العالم بدأت تتفق وتقبل فكرة المحاكمة للنظام السوري العديد من المثقفين وأعضاء في حركة ربيع دمشق كانوا من أوائل المتحدثين عن جرائم الحرب وضرورة معاقبة المسؤولين وشرحوا أنه بالإضافة إلى المذبحة الحالية، هناك مذابح أخرى من هذا القبيل، مذبحة حماة 1982، مذبحة سجن تدمر، جسر الشاغور 1980، القامشلي 2004، مذبحة سجن صيدنايا 2008. لذلك تقرر إنشاء لجنة هدفها رفع قائمة بالمسؤولين الذين يجب محاكمتهم. أخيرا وقع في دمشق الاتفاقية بين جميع المدن السورية وتقرر إنشاء محكمة ضمن البلاد.
  
محاكمة مجرمي الحرب :  تبدأ هذه العملية بجلسة تمهيدية في دمشق برئاسة القاضي( الذي سجن 17 سنة ظلما) وهي موجهة ضد المذنبين الأساسيين بجرائم ضد الشعب السوري، وبعدها استمرت في قصر العدل في مدينة حمص. للأسف قلة من المسؤولين عن هذه الجرائم تتم محاكمتهم، الكثير من أفراد عائلة الأسد تمكنوا من الهرب والإفلات من المحاكمة. وصلت وجوه معروفة من النظام إلى قصر العدل، على الأقل هؤلاء الذين بقيوا على قيد الحياة لحظة المحاكمة، الكثيرون انتحروا ليتجنبوا محاكمتهم. تم اختيار مدينة حمص لسبب وجيه وعملي، في درعا لم يعد فيها بناء قائم لكي تجري فيه محاكمة بهذه الخصوصية، وفي حمص فيها قصر عدل كبير، قاعة المحاكمة تتسع لألف شخص وبجانبها سجن مؤمن، يتصل بقاعة المحكمة مما يؤمن وصول السجناء مع تجنب اتصال غير مرغوب فيه مع القادة السابقين، حمص كذلك كانت مركزا لأكبر المظاهرات والمتظاهرين قاموا برفع لافتات تطالب بالعدالة، وكان قمع النظام قويا جدا وبذلك هي "رمز" ذو أهمية كبيرة.
 
لائحة الاتهام :  جاء الاتهام بخمسة تهم رئيسية هي: - جرائم ضد الشعب: التي قام بها النظام ضد المتظاهرين العزل. - جرائم ضد الإنسانية: التخطيط والتنفيذ أو المشاركة في إبادة جماعات عرقية معينة. - جرائم الحرب: انتهاك القوانين والاتفاقات الدولية بشأن الحروب. - المؤامرة: العمل مع الآخرين أو الشراكة للقيام بأي من الجرائم المذكورة سابقا. - الفساد: هم متهمون بامتلاك ملايين الدولارات المسروقة من خزائن الدول في بنوك أجنبية. - جرائم أخرى مهمة مثل ، قتل حمزة الخطيب، اعتقال الناشطة طل الملوحي، قتل إبراهيم القاشوش، غياث مطر، ابراهيم عثمان الاعتداءات على علي فرزات، زينب الحسيني.
  
تشكيل المحكمة :  القضاة: تتألف المحكمة من أربعة قضاة من أربع مدن ( الأكثر قصفا من النظام) درعا، حمص ، ادلب ودمشق. -المتهمين: تم اختيار المتهمين من ضمن 800 مسؤول رفيع المستوى تم اعتقالهم في الأيام الأخيرة، في النهاية تم تخفيض القائمة إلى 154 اسم، رغم أن المحاكمة فتحت قضية ضد 122 اسم لأن البقية لن تتم محاكمتهم بسبب أعمارهم الكبيرة أو صحتهم المتدهورة. - بشار الأسد : الرئيس السابق للجمهورية العربية السورية، المسؤول الأول عن المذابح حاول الانتحار، بشنق نفسه، ولكن لم تنجح محاولته. -

مجرى المحاكمة :  بدأت الغالبية من المتهمين بتصرفات غريبة وعلامات جنون تظهر عليهم خلال الاستجواب، أخذوا يضحكون بلا سبب يحدقون في السقف يرسمون على المقاعد. فقط في المرافعات الختامية أظهروا عدم شعورهم بالذنب لأنهم خدموا عائلة الأسد، واحدة من العائلات المهمة التي وجدت على الأراضي السورية في الألف سنة الأخيرة باشارة واضحة لحافظ الأسد. لن يعرف أبدا إذا كانوا تظاهروا بحالة الجنون على الرغم من أن نظراتهم الشاردة توحي بذلك. دافعوا عن بشار بشدة نالت إعجاب الحاضرين في القاعة في حين تبادل الضباط والوزراء التهم بين بعضهم البعض ورموا المسؤولية على بشار الأسد كصاحب الأوامر الأول . وقفت والدة بشار وقالت بسخط أمام القضاة" ابني كان عليه الإنهاء عليكم جميعا". مرة واحدة عندما كان يعرض مشاهد للمذابح، خفض الوزراء نظراتهم، كانوا يرتدون ملابس رثة بالية، كان عليهم أن يأكلوا في علبة صغيرة دون ملاعق، في زنزانة 3 متر طول 3 متر عرض دون تدفئة أو ماء ساخن. إنهم يعرفون أن الحكم قد وقع بالفعل قبل بدء المحاكمة، على الرغم من أن بشار حاول الانتحار مستبقا نية القضاة وترك ملاحظة صغيرة، حيث توسل أن تحرق جثته. أظهر وزراء بشار جبنا وأنانية ضايقت والدة بشار ولجنة الاتهام أيضا. وليد المعلم وزير الخارجية الأسبق المتكبر نزل إلى مستويات لا تصدق من أجل إنقاذ جلده، متلفظا بعبارات مثيرة للسخرية عندما رفض أن يكشف كيف يتم التحايل على المراقبين العرب. حاول ماهر الأسد ، الجهة المنظمة لصناعة الدفاع، التخلص من مسؤولياته وأجاب دائما بالنفي، لم يفهم لماذا يحاكمونه وبماذا يتهمونه. رامي مخلوف اعتبر نفسه ضحية بريئة، واعتبر أن بشار الأسد كذب على الجميع وخدعهم وأعاد الكلام بأنه لا يتذكر شيئا وأنه تصرف كجندي مطيع ينفذ الأوامر وبالتالي فهو في مأمن من المسؤولية.
  
المحاكمة : استمرت العملية القانونية خلال خمسة أشهر وعشرة أيام في 108 جلسات، استخدم خلالها أربع لغات: العربية، الفرنسية، الانكليزية والروسية. كل وفد قضائي ممثل للمدن الأربعة كان يتألف من 300 شخص، قاموا بالبحث عن أدلة وحرصوا على تحليل أكثر من عشرة آلاف من الوثائق وأشرطة الفيديو كأدلة في المحاكمة. جبهة الدفاع حاولت أن تسقط شرعية مجلس القضاء وأن تسلط الضوء على صعوبة تطبيق القانون بشكل رجعي، وقالت أن الرئيس السوري بشار الأسد أعلن عفو عام عن مرتكبي الجرائم الذين تمت محاكمتهم. وأكدت أن الاتهامات تقوم على جرائم "في وقت ارتكابها" لم تكن معتبرة كذلك، لأنه لا توجد قوانين تحمي المواطن في ذلك الوقت وإنما وصفت فيما بعد. الدفاع أشار بذكاء إلى أن هناك مؤامرة عالمية ضدهم وأنهم وحدهم الذين كانوا يقاتلون المجموعات الإرهابية المسلحة المتهمين أظهروا عدم معرفتهم بما كان يحصل. القضاة من جهتهم لا يريدون تجريم قادة النظام السوري فقط وإنما كل من كان له يد بصورة مباشرة في قتل المواطنين. المحكمة كانت نقطة البدء لتحول المجتمع السوري كي يكون قادرا على منع المجازر في المستقبل وهذه الأحكام ونتائج الجلسات أضحت جزءا من الدستور الجديد.
 
نتيجة الحكم :  وجد القضاة أن جميع المتهمين مذنبين بجميع التهم الموجهة إليهم وحكم عليهم بالسجن مدى الحياة من دون إمكانية مراجعة الأحكام ولم يتم إخلاء سبيل أي واحد. كان هناك اتفاق عام بين جميع القضاة عند تحديد العقوبة وقال القاضي الذي ترأس الجلسة أن النظام السوري ككل يعتبر منظمة إرهابية. عند انتهاء المحاكمة مباشرة، اقتيد كل المتهمين إلى السجن وصودرت أموالهم وأعيدت إلى خزانة الدولة. كذلك تم تشكيل محاكم من مختلف المدن السورية لتقدر حجم الخسائر وتقيم الأضرار وتبحث عن مسؤولين آخرين عن المذبحة.
 
تنفيذ الحكم : حاول البعض الهرب من تطبيق الحكم، والدة بشار انتحرت بتناول السم الذي لن يعرف أبدا كيف وصل إلى يدها، أرادت أن تنقذ ماء وجهها كامرأة قوية من عائلة الأسد، مثل ابنها كذلك ماهر الأسد شنق نفسه في زنزانته، وبعده بقليل رامي مخلوف، عبد الفتاح قدسية، جميل حسن، علي مملوك ومحمد ناصيف الباقين قبلوا بالحكم. ولأجل منع المسيرات في ذكرى وفاتهم تم دفنهم في مقبرة جماعية لا يعرفها سوى مجلس القضاء.
 
عهد جديد في سورية :  فظاعة الجرائم التي قام بها النظام السوري أدت إلى الحاجة إلى تشكيل نظام قانوني يفوق شرعية النظام والحكم العائلي وقع الأغلبية على عريضة دستور تحفظ الحقوق الأساسية للشعب.

حكم تاريخي على النظام السوري :  أدت المتابعة الواسعة لمجرى المحكمة إلى نقل القضية إلى العالم، فقد كانت محاكمة عادلة تتفق مع الشرائع الدولية ولا يمكن أن يطعن التاريخ المستقبلي بشرعية هذه الأحكام ولا يمكن للمدافعين عن النظام إسقاطها. الشعب عانى الكثير ولا يمكن تزييف التاريخ في سورية.

التأثيرات والنتائج :  الشباب الذين دفعوا حياتهم من أجل التغيير والمواطنين الذين خرجوا في المظاهرات ربحوا المعركة ضد النظام المجرم، وكانوا مثلا لكل شعوب العالم. محاكمة النظام السوري كانت مثلا يحتذى لمحاكمة جميع القادة الذين يقتلون شعوبهم. الشعب هو صاحب القوة المطلقة وهي فوق كل النظم المجرمة والحكم العشائري والعائلي. لا أحد يستطيع الهرب من حكم التاريخ. الحكم بالسجن المؤبد للمسؤولين عن المجزرة، ساعد على تخفيف الألم والمعاناة، وأعان على مغالبة الغضب والمواساة بين المدن المنكوبة.

الخاتمة :  بانتهاء المحاكمات التي كانت أحد أولويات المواطنين الذين أثرت عليهم المجزرة، هدأت النفوس. القضاة كانوا حقا عادلين وعاقبوا كل المجرمين. قادة النظام السوري قاموا بارتكاب جرائم فظيعة لا يمكن أن تمر بدون عقاب. الشعب قام بواجبه التاريخي. بانتهاء كل ذلك، تبدأ في سورية اليوم المسيرة الديمقراطية، كما يريد غالبية السوريين. كان هناك العديد من الخيارات أمام عائلة الأسد، لكنهم لم يعرفوا قراءة إرادة الشعب، لم يحللوا الوضع ويستوعبوا الحالة ليقودوا التغييرات في وطنهم أسوة بالدول المجاورة. الرئيس الشاب لم يف بوعده، خاف من التغيير، كان في سورية شرخ حقيقي في بناء الدولة، ولم تتواجد أبدا ديمقراطية حقيقة، قاده النظام لم يفهموا التغيير التاريخي الحاصل، لم يلتفتوا إلى ما يحمله الربيع العربي، جلسوا في كراسيهم جامدين وعملوا على عقاب وقتل كل من يعترض أو يطرح حلولا بديلة فقط فكروا بمصالحهم الشخصية. الشعب أخذ مكانه ورفع كلمة من أجل تغيير

حقيقي . . . تخيل . . . تخيل . . .  


تخيل